فن الإدارة : الإدارة الهندسية وادارة المشاريع

31 جويلية 2012

إدارة مراكز الأبحاث بالأسلوب التجاري

Filed under: Uncategorized — bageis111 @ 5:16 م

منذ سنوات قليلة الى وقتنا الحاضر ونحن نشاهد اهتماما واضحا من قيادات هذا الوطن المبارك بالبحث العلمي، وهذا الإهتمام يبدو جليا أنه أُعِد ليستمر للمراحل القادمة والوصول الى دراجات عليا في عالم صناعة البحث العلمي وتحقيق التميز في عالم اقتصاديات المعرفة. يقود هذا الإهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حامل لواء العلم والمعرفة والبحث العلمي. وقد نتج عن هذا الإهتمام إرتفاع في نسبة دعم الأبحاث العلمية في الجامعات والجهات البحثية بالسعودية إلى أكثر من 30 ضعفاً كما صرح بذلك سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث.

هذا الإهتمام جعل الحمل ثقيل على كل من يعمل في قطاع البحث العلمي، فلم تستثمر الدولة رعاها الله هذه الأموال الطائلة إلا لتطوير وتوطين التقنية حتى تقل تكلفتها على أبناء الوطن وفي نفس الوقت تصبح هذه التقنيات المطورة مصدر اقتصادي مهم للدولة كما هو الحال في مصادر الاقتصاد الوطني الأخرى.

في هذا العالم المتغير على مراكز الأبحاث أن تتحرر من قيود الفكر القديم والذي تتسبب في تقييد إسلوب إدارة هذه المراكز وجعلها تدار بطريقة بيروقراطية لا تدعم الإبتكار مع أن أهم ما تقدمه هو الإبتكار، وكما يقولون فاقد الشيء لا يعطيه. ان كان الإبتكار مقيد في إسلوب الإدارة فسيصبح الناتج مقيد كذلك، ولكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة له في الإتجاه.  مراكز الأبحاث اذا إستمرت إدارتها باسلوب مطابق أو مشابه لإدارة أي إدارة أو جهة حكومية أخرى ولم تعطى الصلاحيات التي تخولها بأن تكون متميزة ومبتكرة فلن تبارح مكانها، فطبيعة عملها مختلف ومنسوبيها يحتاجون الى المرونة والتحفيز والتقدير المستمر ولذلك لجأت الكثير منها الى إيجاد سلم رواتب خاص بكادرها البحثي حتى تحد من التسرب الوظيفي وتشجع الباحث على العطاء المتواصل. ولم يتوقف الأمر عند سلم الرواتب بل هناك برامج تحفيز ترتبط بحوافز مادية مباشرة كنوع من التشجيع لزيادة النشر العلمي وحصد الجوائز العلمية العالمية وبراءات الإختراع، بل تعدى ذلك الى الوصول الى مشاركة الباحث بنسب مجزية من حق الترخيص بإستغلال براءة الاختراع المسجلة مشاركة مع مركز الأبحاث المالك للبراءة.

من اهم عيوب الأنظمة الادارية لهذه المراكز التي اعتقد ان لابد لها بان تتغير هو التعامل مع ميزانيات هذه المراكز بشكل بعيد عن التدوير وضرورة استرداد الفائض او الوفورات الى وزارة المالية. كما ان من أهم العيوب كذلك التعامل مع الميزانية دون تحديد نصيب كل مشروع بحثي معتمد منها مع كفالة المرونة في الترحيل والتعامل المرن مع الميزانية المحددة، وانما وضع الميزانية في سلة واحدة ويصرف على المشاريع من باب بند واحد وهو الصيانة والتشغيل. فبالتالي يفقد المشروع البحثي الاهتمام ويصبح مشابه للعمل الروتيني ويخسر عنصر الحياة فيه وهو التمويل الملتزم والمقنن له.

من أكثر ما يجعل مراكز الأبحاث تتقدم بسرعة وتحقق قفزات متسارعة من الانجاز العلمي هو ربط إدارتها بالأسلوب التجاري،  بمعنى أن يدمج هدف العائد المالي من ضمن أهداف البحث (الأبحاث التطبيقية فقط) الرئيسية. وبالتالي نتخلص من الجملة التي سئمنا قراءتها وهي “هدف البحث المشاركة في أجندة المعرفة العالمية حول …. كذا وكذا”. هذه الجملة “المائعة” لا تقدم ولا تأخر في عصر العولمة والتجارة العالمية، بل أن عصر المعرفة الاقتصادي يتطلب الدخول إليه بقوة لا الدخول على استحياء. من الأمثلة الرائعة لارتباط مراكز الأبحاث بالأسلوب التجاري هو مراكز أبحاث الاتصالات التي أنتجت منتجات مبتكرة جدا في وقت قصير جدا، فأصبحنا نرى أجيال الجوالات والجوالات الذكية و أجهزة الانترنت الكفي وغيرها تتوالى بعضها فوق بعض والتقدم التقني لها قفز قفزات كبيرة في وقت قصير وهذا يرجع لتبني هذه الصناعة من قبل شركات تجارية تحرص على الأبحاث التطبيقية وتحرص على إيجاد منتج يخدم المستهلك بشكل مباشر وله عائد اقتصادي واضح.

لذلك نرى كبار الشركات العالمية في جميع الحقول تتميز بوجود مراكز للأبحاث والتطوير ضمن هيكل مؤسساتها، مثال ذلك شركة جنيرال اليكتريك وشركة مستوبيشي وشركة هيتاشي وشركة فيرجن وشركة سابك و ارامكو السعوديتين وشركات أخرى لا تعد ولا تحصى قد انتهجوا هذا النهج.

أخيرا يقول رئيس شركة فيرجن ريتشارد برانسون في أحد المؤتمرات، أن مخرجات الأبحاث التطبيقية لابد وأن ترتبط  بمنتج يسوق إذا ما أريد لها أن تقفز قفزات كبيرة من التقدم العلمي. كما أنه أشار إلى أن الأبحاث التطبيقية عليها أن تجرب وتختبر على أرض الواقع وأن لا تمكث في الرفوف دون غزو الصناعة على واقعها، فبهذه التجارب والإختبارات يستمر تطويرها وتحسينها، وحتى نقوم بذلك علينا أن نتعامل مع الأبحاث التطبيقية على أن لها مخرج تجاري له عائد مادي مجزي يغطي مصاريف تمويل البحث ويشجع الباحثين على التركيز وتسارع الأداء.

اكتب تعليقُا »

لا توجد تعليقات حتى الآن.

RSS feed for comments on this post. TrackBack URI

أضف تعليق

أنشئ موقعاً أو مدونة مجانية على ووردبريس.كوم.